فصل: الفرق بين الكبر والتيه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



التقليد إذن يحتاج إلى بحث دقيق؛ لأن الإنسان الذي سوف تقلده، لن يكن مسئولًا عنك؛ لأن الحق سبحانه وتعالى هو القائل: {يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ واخشوا يَوْمًا لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا} [لقمان: 33].
إذن: فأمر الابن يجب أن يكون نابعًا من ذاته، وكذلك أمر الأب، وعلى كل إنسان أن يُعْمِل عقله بين البدائل.
ولذلك تجد القرآن الكريم يقول على ألسنة مَنْ قلَّدوا الآباء: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتبعوا مَا أَنزَلَ الله قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [البقرة: 170].
ثم يرد عليهم الحق سبحانه: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170].
فإذا كانت المسألة مسألة تقليد، فلماذا يتعلم الابن؟ ولماذا لا ينام الأبناء على الأرض ولا يشترون أسرَّة؟ ولماذا ينجذبون إلى التطور في الأشياء والأدوات التي تسهِّل الحياة؟
فالتقليد هو إلغاء العقل والفكر، وفي إلغائهما إلغاء التطور والتقدم نحو الأفضل. إذن: فالقرآن يحثنا على أن نستخدم العقل؛ لنختار بين البدائل، وإذا كان المنهج قد جاء من السماء، فَلْتهْتدِ بما جاء لك ممن هو فوقك، وهذا الاهتداء المختار هو السُّمو نحو الحياة الفاضلة.
يقول الحق سبحانه: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إلى مَا أَنزَلَ الله وَإِلَى الرسول قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [المائدة: 104]
أي: أنهم أعلنوا أنهم في غير حاجة للمنهج السماوي فَردَّ عليهم القرآن: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} [المائدة: 104].
وهكذا نجد أن القرآن قد جاء بموقفين في آيتين مختلفتين عن المقلّدين:
الآية الأولى: هي التي يقول فيها الحق سبحانه وتعالى: {بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} [البقرة: 170].
والآية الثانية: هي قول الحق سبحانه وتعالى: {حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ} [المائدة: 104].
وهم في هذه الآية أعلنوا الاكتفاء بما كان عليه آباؤهم.
وهناك فارق بين الآيتين، فالعاقل غير من لا يعلم؛ لأن العاقل قادر على الاستنباط، ولكن من لا يعلم فهو يأخذ من استنباط غيره.
إذن: فالذين اكتفوا بما عند آبائهم، وقالوا: {حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا} [المائدة: 104].
هؤلاء هم الذين غالوا في الاعتزاز بما كان عند آبائهم؛ لذلك جاء في آبائهم القول بأنهم لا يعلمون.
أي: ليس لهم فكر ولا علم على الإطلاق، بل يعيشون في ظلمات من الجهل.
وهنا يقول الحق سبحانه على لسان فرعون وقومه: {قالوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الكبرياء فِي الأرض} [يونس: 78].
أي: هل جئت لتصرفنا، وتحوِّل وجوهنا أو وجهتنا أو طريقنا وتأخذنا عن وجهة آبائنا الذين نقلدهم؛ لتأخذ أنت وأخوك الكبرياء في الأرض؟
وهكذا يتضح أنهم يعتقدون أن الكبرياء الذي لهم في الأرض قد تحقق لهم بتقليدهم آباءهم، وهم يحبون الحفاظ عليه، والأمر هنا يشمل نقطتين:
الأولى هي تَرْكُ ما وجدوا عليه الآباء.
والثانية: هي الكبرياء والعظمة في الأرض.
ومثال ذلك: حين يقول مقاتل لآخر: ارْمِ سيفك وهي تختلف عن قوله: هات سيفك، فَرَمْيُ السيف تجريد من القوة، لكن أخذ السيف يعني إضافة سيف آخر إلى ما يملكه المقاتل الذي أمر بذلك.
وهم هنا وجدوا في دعوة موسى عليه السلام مصيبة مركبة.
الأولى: هي ترك عقيدة الآباء.
والثانية: هي سلب الكبرياء، أي: السلطة الزمنية والجاه والسيادة والعظمة والائتمار، والمصالح المقضية، فكل واحد من بطانة الفرعون يأخذ حظه حسب اقترابه من الفرعون.
ولذلك أعلنوا عدم الإيمان، وقالوا ما يُنهي به الحق سبحانه الآية الكريمة الي نحن بصددها: {وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ} [يونس: 78].
أي: أن قوم فرعون والملأ أقرُّوا بما حرصوا عليه من مكاسب الدنيا والكبرياء فيها، ورفضوا الإيمان بما جاء به موسى وهارون عليهما السلام. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

.قال السمين:

{فَلَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا إِنَّ هَذَا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (76)}
وقرأ مجاهد وابن جبير والأعمش: {لساحر} اسم فاعل، والإِشارة بـ {هذا} حينئذٍ إلى موسى، أُشير إليه لتقدُّم ذكره، وفي قراءةِ الجماعةِ المشارُ إليه الشيءُ الذي جاء به موسى من قَلْبِ العصا حَيَّةً وإخراج يده بيضاء كالشمس. ويجوز أن يُشارَ بـ {هذا} في قراءةِ ابن جبير إلى المعنى الذي جاء به موسى مبالغةً، حيث وَصَفوا المعاني بصفاتِ الأعيانِ كقولهم: شعرٌ شاعرٌ وجَدَّ جَدُّه.
{قَالَ مُوسَى أَتَقُولُونَ لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَكُمْ أَسِحْرٌ هَذَا وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ (77)}
قوله تعالى: {أَتقُولُونَ}: في معمولِ هذا القولِ وجهان، أحدهما: أنه مذكورٌ، وهو الجملةُ من قوله: {أسحرٌ هذا} إلى آخره، كأنهم قالوا: أجئتما بالسحر تطلبانِ به الفلاحَ ولا يفلح الساحرون، كقولِ موسى على نبيِّنا وعليه وعلى سائر الأنبياء أفضلُ الصلاة والسلام للسحرة: {مَا جِئْتُمْ بِهِ السحر إِنَّ الله سَيُبْطِلُهُ}. والثاني: أن معموله محذوفٌ، وهو مدلولٌ عليه بما تقدَّم ذكرُه، وهو: إن هذا لسحرٌ مبين. ومعمولُ القول يُحذف للدلالةِ عليه كثيرًا، كما يُحذف نفسُ القولِ كثيرًا، ومثلُ الآية في حَذْفِ المقول قولُ الشاعر:
لَنحن الأُلى قُلْتُمْ فأنَّى مُلِئْتُمُ ** برؤيتنا قبلَ اهتمامٍ بكمْ رُعْبا

وفي كتاب سيبويه: متى رأيت أو قلت زيدًا منطلقًا على إعمال الأول، وحَذْفِ معمولِ القول، ويجوز إعمالُ القولِ بمعنى الحكاية به فيقال: متى رأيت أو قلت زيد منطلق، وقيل: القول في الآية بمعنى العَيْب والطعن، والمعنى: أتعيبون الحق وتَطْعنون فيه، وكان مِنْ حَقِّكم تعظيمُه والإِذعانُ له مِنْ قولهم: فلان يخاف القالة، وبين الناس تقاوُلٌ، إذا قال بعضهم لبعض ما يسْوءُه، ونَحْوُ القولِ الذكرُ في قوله: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ} [الأنبياء: 60] وكلُّ هذا ملخَّصٌّ من كلام الزمخشري.
{قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِيَاءُ فِي الْأَرْضِ وَمَا نَحْنُ لَكُمَا بِمُؤْمِنِينَ (78)} قوله تعالى: {أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا}: اللامُ متعلقةٌ بالمجيء أي: أجئت لهذا الغرض، أنكروا عليه مجيئَه لهذه العلة. واللَّفْتُ: الَّليُّ والصَرْفُ، لَفَتَه عن كذا أي: صَرَفَه ولواه عنه. وقال الأزهري: لَفَتَ الشيءَ وفَتَلَه: لواه، وهذا من المقلوب قلت: ولا يدعى فيه قَلْبٌ حتى يَرْجَعَ أحدُ اللفظين في الاستعمال على الآخر، ولذلك لم يَجْعلوا جَذَبَ وجَبَذَ وحَمِدَ ومَدَح من هذا القبيل لتساويهما. ومطاوعُ لَفَتَ: التَفَتَ. وقيل: انفتل، وكأنهم استَغْنَوا بمطاوع فَتَل عن مطاوع لَفَتَ، وامرأة لَفُوت: أي: تَلْتَفِتُ لولدها عن زوجها إذا كان الولد لغيره، واللَّفِيْتَةُ: ما يَغْلُظُ من العَصِيدة.
قوله: {وَتَكُونَ لَكُمَا الكبرياء} الكِبْرياء: اسم كان، ولكم الخبر، و{في الأرض}: جَوَّز فيها أبو البقاء خمسةَ أوجه:
أحدها: أن تكونَ متعلقةً بنفس الكبرياء.
الثاني: أن يُعَلَّق بنفس تكون.
الثالث: أن يتعلَّقَ بالاستقرار في لكم لوقوعه خبرًا.
الرابع: أن يكونَ حالًا من {الكبرياء}.
الخامس: أن يكون حالًا من الضمير في {لكما} لتحمُّلِه إياه.
والكِبْرياء مصدرٌ على وزنِ فِعْلِياء، ومعناها العظمة. قال عديّ ابن الرِّقاع:
سُؤْدُدٌ غيرُ فاحِشٍ لا يُدا ** نِيه تَجْبارَةٌ ولا كِبْرِيا

وقال ابن الرقيات:
مُلْكُه مُلْكُ رأفةٍ ليس فيه ** جَبَروتٌ منهُ ولا كِبْرِياءُ

يعني: ليس هو ما عليه الملوكُ من التجبُّر والتعظيم.
والجمهورُ على {تكون} بالتأنيث مراعاةً لتأنيث اللفظ. وقرأ ابن مسعود والحسن وإسماعيل وأبو عمرو وعاصم في روايةٍ: {ويكون} بالياء من تحتُ، لأنه تأنيثٌ مجازي. اهـ.

.دقيقة:

الفرق بين الكبر والتيه والجبرية والزهور وبين ما يخالف ذلك من التذلل والخضوع والخشوع والهون وما بسبيل ذلك.

.الفرق بين الكبر والتيه:

أن الكبر هو إظهار عظيم الشأن وهو في صفات الله تعالى مدح لأن شأنه عظيم وفي صفاتنا ذم لن شأننا صغير وهل أهل للعظمة ولسنا لها بأهل والشأن هاهنا معنى صفاته التي هي في أعلى مراتب التعظيم ويستحيل مساواة الأصفر له فيها على وجه من الوجوه والكبير الشخص والكبير في السن والكبير في الشرف والعلم يمكن مساواة الصغير له أما في السن فبتضاعف مدة البقاء في الشخص تتاعف أجزاوه وأما بالعلم فباكتساب مثل ذلك العلم والتيه أصله الحيرة والضلال وإنما سمي المتكبر تائها على وجه التشبيه بالضلال والتحير ولا يوصف الله به والتيه من الأرض ما يتحير فيه وفي القرآن {يتيهون في الأرض} أي يتحيرون.

.الفرق بين الكبر والكبرياء:

أن الكبر ما ذكرناه والكبرياء هي العز والملك وليست من الكبر في شيء والشاهد قوله تعالى: {وتكون لكما الكبرياء في الأرض} يعني الملك والسلطان والعزة وأما التكبر فهو إظهار الكبر مثل التشجع إظهار الشجاعة إلا أنه في صفات الله تعالى بمعنى أنه يحق له أن يعتقد أنه الكبير وهو على معنى قولهم تقدس وتعالى لا على ترفع علينا وتظيم وقيل المتكبر في صفاته بمعنى أنه المتكبر عن ظلم عبادة.
الفرق بين الكبر والجبرية والجبروت:
أن الجبرية أبلغ من الكبر وكذلك الجبروت ويدل على هذا فخامة لفظها وفخامة اللفط تدل على فخامة المعنى في ما يجري هذا المجرى ولهذا قال أهل العربية الملكوت أبلغ من الملك لفخامة لفظه وكذلك الطاغوت أبلغ من الطاغي لفخامة لفظه ولكن كثر استعمال الطاغوت حتى سمي كل ما عبد من دون الله طاغوتا وسمي الشيطان به لشدة طغيانة وكل من جاوز الحد في ضرب أو معصية من الشر والمكروه فقد طفى وتجبر أبلغ من تكبر وقال بعض العلماء تجبر الرجل إذا تعظم بالقهر وهذا يؤيد ما قلناه من انه أبلغ من تكبر لأن التكبر لا يتضمن معنى القهر والجبار القهار والجبار العظيم في قوله تعالى: {إن فيها قوما جبارين} والجبار المتسلط في قوله تعالى: {وإذا بطشتم بطشتم جبارين} قالوا قتالين والإجبار الإكراه وجبر النقص إتمامة وجبر المصيبة رفعا بالنعمة والجبارة خشب الجبر واجتبر واتجبر تعظم بالقهر والجبار الذي لا أرش فيه وقيل الجبار في صفات الله تعالى بمعنى أنه لا يبالي بالأذى وأصله في النخلة التي فاتت اليد ويقال تجبر الرجل مالا إذا أصاب مالا وتجبر النبت إذا نبت في يايسة الرطب وقال ابن عطاء الجبار في أسماء الله تعالى جل اسمه بمعنى أنه يجبر الكسر والجبرية مصدر منسوب إلى الجبروت بحذف الواو والتاء والجبروات أيضا يجري مجرى المصادر ومعناه المبالقة في التجبر.

.الفرق بين الكبر والزهو:

أن الكبر إظهار عظم الشأن وهو فينا خاصة رفع النفس فوق الاستحقاق والزهو على ما يقضيه الاستعمال رفع شيء إياها من مال أو جاه وما أشبه ذلك ألا ترى أنه يقال زها الرجل وهو مزهو كأن شيئا زهاه أي رفع قدره عنده وهو من قولك زهت الريح الشيء إذا رفعته والزهو التزيد في الكلام.
الفرق بين الزهو والنخوة:
أن النخوة هي أن ينصب رأسه من الكبر ولهذا يقال في رأسه نخو ويتصرف في العربية كتصرف الزهو فيقال نخا الرجل فهو منخو إلا أنه لم يسمع نخاه كذا كما يقال زهاه كذا.

.الفرق بين النخوة والخنزوانة:

أن الخنزوانة هي أن يشمخ أنفه من الكبر ويفتح منخره ولهذا يقال في أنفه خنزوانة ولا يقال في أنفه نخوة ويقال أيضا في رأسه خنزوانة إذا مال رأسه من الكبر وشبهها بأمالة أنفه.

.الفرق بين العجب والكبر:

أن العجب بالشيء شدة السرور به حتى لا يعادله شيء عند صاحبه تقول هو معجب بفلانة إذا كان شديد السرور بها وهو معجب بنفسه إذا كان مسرورا بخصالها ولهذا يقال أعجبه كما يقال سر به فليسي العجب من الكبر في شيء وقال علي بن عيسى العجب عقد النفس على فضيلة لها ينبغي أن يتعجب منها وليست هي لها.

.الفرق بين الاستكبار والاستنكاف:

أن في الاستنكاف معنى الأنفة وقد يكون الاستكبار طلبها الكبير من غير أنفه وقال تعالى: {ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر} أي يساتنكف عن الاقرار بالعبودية ويستكبر عن الاذعان بالطاعة.

.الفرق بين الخشوع والخضوع:

أن الخشوع على ما قيل فعل يرى فاعله أن من يخضع له فوقه وأنه أعظم منه والخشوع في الكلام خاصة.
والشاهد قوله تعالى: {وخشعت الأصوات للرحمن} وقيل هما من أفعال القلوب وقال ابن دريد ياقل خضع الرجل للمرأة وأخضع إذا ألان كلامه لها قال والخضاضع المطأطئ رأسه وعنقه وفي التنزيل {فظلت أعناقهم لها خاضعين} وعند بعضهم أن الخشوع لا يكون غلا مع خوف الخاشع المخشوع له ولا يكون تكلفا ولهذا يضاف إلى القلب فيقال خشع قلبه وأصله البس ومنه يقال قف خاشع للذي تغلب عليه السهولة والخضوع هو التطامن والتطأطؤ ولا يقتضي أن يكون معه خوف ولهذا لا يجوز إضافته إلى القلب فيقال خضع قلبه وقد يجوز أن يخضع الإنسان تكلفا من غير أن يعتقد أن المخضوع له فوقه ولا يكون الخشوع كذلك وقال بعضهم الخضوع قريب المعنى من الخشوع إلا أن الخضوع في البدن والإقرار بالاستجداء والخشوع في الصوت الفرق بين التواضع والتذلل أن التذلل إظهار العجز عن مقاومة من يتذلل له والتواضع إظهار قدرة من يتواضع له سواء كان ذا قدرة على التواضع أو لا ألا ترى أنه يقال الملك متواضع لخدمة أي يعاملهم معاملة من له عليهم قدرة ولا يقال يتذلل لهم لن التذلل إظهار العجز عن مقاومة المتذلل له وأنه قاهر وليست هذه صفة الملك مع خدمة الفرق بين التذلل والذل أن التذلل فعل الموصوف به وهو إدخال النفس في الذل كالتحلم إدخال النفس في الحلم والذليل الفعول به الذل من قبل غيره في الحقيقة وإن كان من جهة اللفظ فاعلا ولهذا يمدح الرجل بأنه متذلل ولا يمدح بأنه ذليل لأن تذلله لغيره اعترافه له والاعتراف حسن ويقال العلماء متذللون لله تعالى ولا يقال أذلاء له سبحانه.